كيف تكتب روايتك الأولى؟ بالتفصيل وفي 7 خطوات فقط ابدأ اليوم!
 


لن أبدأ بتعريف الرواية لك والدخول في النظريات والمدارس لأنك لن تحتاج أيا منها وأنت تكتب روايتك، أنا سأعطيك المسحوق السحري الذي سيمنحك القدرة على التحليق في عالم روايتك، ستتذوق طعم ورائحة الأكل الذي أعدته مريدا، سترسم بنفسك عالمك الخاص، سأمنحك المعادلة المتوازنة لجزيء الرواية لتكتب روايتك الأولى.

هل انت متحمس مثلي؟ أحضر ورقة وقلم وهيا لنبدأ!

أولا:  الفكرة


وردني على البريد الالكتروني الكثير من الأسئلة: مريدا كيف أجد الفكرة المناسبة لأكتب عنها؟ وها أنا أجيب.

عليك ان تحضر دفترا وقلما ثم اجلس مع نفسك وأنت تستمع الى موسيقى هادئة، اسألها بكل وضوح، ما الذي أريد أن اكتب عنه؟ ما الذي يثير اهتمامي؟

ان لم ترد عليك فلا تقلق بل تابع الاستماع الى الموسيقى واسألها مرة أخرى ما الفكرة التي أريد تغييرها في المجتمع أو بي شخصيا؟ ثم دَوِّن ما تشعر به نحو هذه الفكرة، دَوِّن جملة قصيرة تلخص فيها الفكرة الأساسية لروايتك.

غيرك قد يسألني: مريدا! أنا لا أعاني من نقص في الأفكار أنا أعاني من كثرتها، أنا أملك العديد من الأفكار وهذا ما يدفعني للجنون كيف أختار من بينها؟

هذا أمر يدعو للجنون فعلا وصدقني أنا أعرف ما تشعر به، أعاني من نفس الأمر في كل مرة أريد تأليف كتاب جديد، أحتار في اختيار الفكرة المناسبة.

عليك أولا أن تصفي ذهنك من الانشغالات اليومية، أحضر كوبا من النعناع الساخن وورقة واحدة فقط هذه المرة، اجلس امام نافذة غرفتك او على شرفة، ارتشف بعض النعناع واسأل نفسك المحتارة، ما هي الفكرة التي تثير حماستي أكثر؟ لماذا هذه القصة بالتحديد؟ وما أهمية الموضوع لي؟ ما هو المشكل الذي على الشخصيات تخطيه؟ وكيف ستتخطاه؟

أكتب الأجوبة على تلك الورقة وها أنت تملك فكرة لكتابك، أنت تملك الهدف من القصة، الحماس لكتابتها، الحبكة، الشخصية الرئيسية والنهاية الملحمية.

 

ثانيا:   عاصفة الافكار



في هذه المرحلة ستنفجر مخيلتك بالمشاهد والاحداث، ستتكون شخصياتك وترتسم معالمها، ستتعرف عليها وتتفهم مشاعرها، ستشعر بمرارة ألمها وبنعيم سعادتها.

الشخصيات

الآن وقد أصبحت تملك الفكرة التي تثير حماستك، حاول ان تراها من منظور مختلفـ تصورها بأعين شخص آخر وهنا ستولد شخصيات روايتك،  تخيل شكلها الطول، الشعر، لون العينين، ستايل الملابس، لونها المفضل، هوايتها، طباعها، هل هي حادة الطباع؟ لطيفة؟ باردة؟ ما هو الشيء الخاطئ الذي تؤمن به؟ الصراع الداخلي الذي يؤرقها؟ والذي سيتغير بنهاية الرواية، ما هو ماضيها؟ وكيف وصلت الى ماهي عليه الآن؟

خصص بطاقات صغيرة لكل شخصية حتى يسهل عليك تذكرها  لكن لا تقلق حتى لو حاولت نسيانها ستزن عليك، وتؤرقك ليلا، عليك ان تستفيد منها الى اقصى حد حتى لو عنى هذا ان تستيقظ ليلا والجميع نيام لتبحث عن ورقة وقلم لتدون فكرة لن تتذكرها على الأغلب صباح الغد.

تعمق في مشاعرها، حاول قدر المستطاع ان تفكر بها في كل وقت وفي كل مكان منذ استيقاظك الى حين نومك وان كنت محظوظا في احلامك أيضا، ستبدأ بالتخاطب مع بعضها البعض مولدة شخصيات أخرى، ستكثر الشخصيات داخل رأسك لكن تذكر ان على الشخصية ان تكون ضرورية لتطور القصة وفي أكثر من 3 مشاهد وإلا أزلها من الأساس، أما الشخصيات العرضية كساعي البريد والخادمة .... فلا تسميها أصلا حتى لو كانت تزن عليك كثيرا أنت المتحكم في زمام الأمور لا تدع الشخصيات تتحكم بك.

 

الأحداث:

ومع كثرة الشخصيات تكثر المشاهد والاحداث، ستبدأ بتصور الأحداث كمشاهد من فيلمك الخاص ستشك حتى أن شخصا آخر يتخيل في مكانك، ربما أنت ملبوس بشبح ما، لكن لا، هذه شخصياتك تعبث داخل عقلك، ستتخيل نفس المشهد بطريقة مختلفة وفي كل مرة.

الكاتب الحقيقي لا يعاني من نقص في الأفكار انما من كثرتها، دَوِّن كل شيء في هذه المرحلة خصص دفترا صغيرا، احمله معك في كل مكان.

انا عن نفسي أفضل استخدام تطبيق على الهاتف فهذا الاخير موجود معنا على الدوام.

بعد ان تجمع كل الأفكار وترتسم القصة الكاملة بمخيلتك عليك الآن ان تحذف كل ما يعيق الرواية عن التطور لا تكن رحيما:

-المشاهد التي لا تفيد الموضوع والهدف من القصة احذفها

-الحوار الذي يبدأ ب: مرحبا!  مرحبا! كيف حالك! تخلص منه، على الحوار ان يحرك القصة ويبث فيها الحياة كاكتشاف سر ما او شجار محتدم.

المكان والزمان

بعد ان تحدد شخصية بطل القصة والتي قد تكون أنت، شخص واقعي أو حتى شخص من نسج الخيال، عليك الآن ان تضعها في الزمان والمكان المناسبين لموضوع روايتك.

 اذا كانت احداث قصتك تدور في الماضي هنا عليك مراعاة معالم ذلك الزمن كالملابس وطريقة الكلام، ان كانت هذه روايتك الأولى انصحك أن تختار العصر الحاضر لأن عقلك معتاد على العيش فيه  أو اختر المستقبل لأنه سيكون من نسج الخيال ولك مطلق الحرية في نسجه.

 أما عن المكان فانه سيكون تابعا للزمن الذي قمت باختياره فمثلا في العصور الوسطى المباني والمدن كانت تملك طابعا معماريا خاصا وان كنت من أبناء هذا العصر فان محرك البحث هو سبيلك لتلمس تلك المادة، على العموم سيتكفل خيالك بكل شيء تلقائيا ان تعلقت روايتك بعصرنا الحالي او المستقبل البعيد سيتخيل العالم الذي تدور فيه الاحداث بالفطرة.

بالنسبة للعالم الخيالي كعالم الجنيات مثلا فأنت حر في تخيل معالمه وشخصياته وكذا الزمان يمكنك حتى خلق لغة، زمن أو عملة خاصة كرواية أرض زيكولا لعمرو عبد الحميد

الضمير

بأعين من سترى احداث الرواية؟  point of view   هناك نوعان:

ضمير المتكلم " أنا " أي ان تتكلم على لسان احدى شخصيات الرواية  على طول الرواية أو أن تنتقل من  رأس شخصية الى أخرى لكن احرص على ألا تربك القارئ أثناء قيامك بهذا وإلا سيضيع بين من يتكلم الآن، سيسأل نفسه: "داخل رأس من أنا الآن؟" الضمير "أنا" يعلق القراء أكثر بشخصيات القصة لأنهم يرون العالم من خلاله..

يمكنك أيضا استعمال الضمير "هو" أي ان تأخذ منزلة الكاتب وتسرد الأحداث من منظور شخص خارج عن القصة هذا الضمير هو الأكثر شيوعا لأنه يمكنك من التحكم بالقصة بسهولة ومرونة وهو الاسهل لتبدأ به روايتك الأولى.

يمكنك أيضا استعمال الضميرين معا "انا" "هو" في نفس الرواية لكنني لا انصح بذلك، خاصة ان كانت هذه روايتك الأولى لأنهما سيشكلان نوعا من الارتباك ان لم تتحكم بهما كما يجب، أبقي الأمور بسيطة وسلسة حتى لا تضيع.

في هذه المرحلة نكون قد حصلنا حتى الآن على:

الفكرة الأساسية - شخصيات القصة- البداية والنهاية – الحبكة - المكان والزمان الذي تدور فيه أحداث القصة- وهذه كلها اركان الرواية

   ثالثا: التخطيط


العديد منكم الآن سيقول لي أنا لن أضع مخططا للرواية أريدها ان تسير بسلاسة دون تخطيط، سأدع الاحداث تسري في مسارها الطبيعي، سأجيبك حينها، أوقف الفيديو الآن! وحين تختلط الأفكار وتتصادم المشاهد داخل روايتك، حين تجد صعوبة في كتابة النهاية، عد من جديد الى هنا لأنك ستشكرني على هذا.

الكاتب المتميز يعرف تماما ما هي حبكة روايته؟ وكيف تنتهي؟ هذه أهم نقطتين في كتابة أية رواية، لا تدع الشخصيات وسير الاحداث تتحكم بمسار روايتك والا ستنتهي بالتخلي عن كل شيء والشعور بالإحباط، هذا ما أحاول ان اجنبك إياه،  كما ان التخطيط لا يعيق عملية الابداع، انما يوجهها لتنصب في موضوع القصة حتى لا تتوه عنك الشخصيات والأحداث.

إذا كيف أحول أفكاري إلى مخطط؟

أحضر ورقة كبيرة جدا وافرشها على أرض غرفتك، أكتب على قطع صغيرة من الورق عنوان كل مشهد، الشخصيات التي يتناولها، المكان والزمان، مثلا البيت ( داخلي أو خارجي) والزمان (نهارا أو ليلا، صيف ام شتاء)

بعد ان تنتهي من كتابة كل المشاهد على البطاقات، ألصق مشهد الختام في نهاية الورقة أولا، ثم ابدأ بالصعود وألصق المشاهد وصولا إلى البداية، راجع تسلسل المشاهد وتأكد من أنها تدعم ما جاء في النهاية.

حين ترى الصورة الكاملة لروايتك، ستتضح لك الثغرات والمشاهد غير الضرورية وهذا سيجنبك الكثير من الجهد والتفكير في مرحلة الكتابة.

هناك العديد من الطرق للتخطيط لروايتك، إلا أن هذه الطريقة ساعدتني كثيرا في كتابة روايتي الأولى.

تذكر دائما أن ركنين اثنين فقط هما الثابتان في الرواية، الحبكة والنهاية، غير أي شيء آخر إلا هذين التزم بهما وإلا ستضيع عنك الفكرة التي دعتك للبدء من الأساس.

رابعا:  الكتابة


هذه هي المرحلة التي يحلم بها كل كاتب، أن يرى كل ما تخيله منسوجا على الورق، انها فعلا مرحلة مهمة فحين تكتب ستشعر في بادئ الامر بالحماسة والتشويق تريد كتابة روايتك والانتهاء منها في يوم واحد، أنا لا أريد تثبيط عزيمتك لكن كل ما ستقوم به هو الجلوس على مكتبك كل يوم لتكتب بالتفصيل الممل كل ما يوجد على المخطط الذي الصقته بجانب المكتب.

 إذا الآن كيف نقسم الرواية الى فصول؟

لا تقم بالتقسيم الى فصول أثناء مرحلة التخطيط ان أردت تكون عالما رياضيا أحسب عدد المشاهد التي كتبتها وقسمها الى فصول بالتساوي الا انني لا احبذ هكذا طريقة ابدا، لان عدد المشاهد لا يعبر عن عدد الأفكار أنا احبذ الإبقاء على التقسيم العادي للرواية سأخبرك كيف؟

الرواية كما تعلم تنقسم الى: البداية، الحبكة ثم النهاية

اذا سنقوم بتخصيص الفصل الأول للبداية الى غاية ظهور ملامح المشكلة، عليك ان تشعر القارئ ان هناك مشكلة تلوح في الأفق، لمعرفتها ليس عليه سوى ان يقلب صفحة الفصل الثاني، تلاعب به ودعه يتساءل ما الذي سيحدث الآن؟ عبارة بسيط قد تدرجها بنهاية الفصل تدعوه للاستمرار في القراءة.

مثلا: دعوته لحضور العشاء في بيتي ويا ليتني لم أفعل.

هذه العبارة البسيط ستشد القراء لمعرفة ما سيحدث على العشاء.

الحبكة قد تأخذ فصلين على الأقل فهي تتناول المشكلة التي يصادفها بطل القصة، المشكلة التي لمسها القراء خلال الفصل الأول، هذا ما يدخل البطل في حرب مع ذاته، و يدعوه للخروج من منطقة راحته، ستبدأ مراحل التغيير في نفس البطل، سيشكك في بادئ الامر في قدراته لكن المشكلة ستحتدم أكثر مما يدعوه الى تغيير نظرته للعالم ليشحذ همته ويقرر مواجهتها، سيفشل في المرة الأولى وربما للمرة الثانية أيضا، ستكسر عزيمته وهنا سيحدث التغيير الكامل في شخصية البطل، سيتصالح مع نفسه ويتخلص من الصراع الداخلي بالكامل سيعزم على حل المشكلة، لكن ما الذي سيحدث يا ترى؟

الفصل الأخير من الرواية يتحدث عن الصراع الملحمي الذي يخوضه كل بطل للوصول الى النهاية السعيدة التي لطالما حلم بها.

على النهاية ان تكون سعيدة أما ان اردت نهاية حزينة فعليك ان تترك أملا يشعر القراء بنوع من السعادة ويدعوهم لنسج نهايتهم الخاصة، دع القراء يشاركون في بناء روايتك دون ان تشعرهم بذلك، دع الامر لخيالهم.

خامسا: التحفيز




أنا عند قراءتي للكتب كنت اعتقد انه نتاج أول عصارة من دماغ الكاتب، كنت اعتقد ان ما كتبه في المسودة الأولى هو نفسه الكتاب الذي بين يدي، لكن لا، ستكون هناك الكثير من المسودات تذكر أن مسودتك الأولى هي لتدوين أفكارك ليس إلا حتى لا تضيع منك.

  أحيانا ستكره روايتك، ستريد ان ترمي بها عبر النافذة او ان تجعلها رمادا هناك من يشعر بهذا عدة مرات خلال كتابته، لذلك عليك ان تحفز نفسك دائما.

كيف هذا؟

تذكر دائما لماذا بدأت من الأساس؟ انت تحاول خلق فنك الخاص؟ تذكر ان هذه مجرد مقاومة او عائق يواجه كل الكتّاب للوصول الى غايتهم القصوى؟ وغايتك القصوى هي الدافع الأول الذي دعاك الى رفع القلم وضغط أول مفتاح على الحاسوب، دوِّن هذا الدافع على ورقة وألصقها على حائط مكتبك لتُذَكِرَك دائما، عينها كخلفية لحاسوبك وهاتفك أيضا، تبناها كفلسفة حياة.

ما الذي عليّ فعله ان شعرت بالملل أثناء الرواية؟

أنا عن نفسي أتوقف عن الكتابة قبل ان اشعر بالملل، حتى أبقى متحمسة للكتابة مرة أخرى وان بدأت بالكتابة آخذ فترات راحة متقطعة بين الحين والآخر، أثناء ذلك احاول الا افكر بالرواية والشخصيات كل ما أقوم به في 20 دقيقة هو الاستماع الى الموسيقى واحتساء كوب الشاي.

سادسا:    التحرير


حين تكتمل المسودة الأولى يحين الوقت للتعديل عليها، إياك ان تعدل اثناء الكتابة عليك الفصل تماما بين المرحلتين، فاذا قمت بالتعديل اثناء الكتابة سترى العديد من الأخطاء والثغرات في كتابتك وهذا ما سيثبط من عزيمتك ويدفعك للتخلي عن اكمال الكتابة.

كيف تقوم بالتعديل على روايتك؟

 هل تذكر الورقة العملاقة التي ألصقتها أمام مكتبك، أجل تلك الورقة المعلقة هناك، عليك ان تراجع المشاهد، هل نسيت أي مشهد؟ أم عليك اقتطاع بعض المشاهد التي لا نفع لها بالقصة؟ هل وجدت أي ثغرات في قصتك؟ ابدأ بها أولا، ثم انزل الى عمق روايتك وصولا الى الأجزاء الصغيرة.

بالنسبة للمشاعر والاحاسيس فلا تخبر القراء عنها انما صورها لهم من السهل القول: "شعر سالم بالخوف" لكن ما رأيك لو قلت: "خلف باب الغرفة يختبئ سالم حابسا أنفاسه المتقطعة ونبضات قلبه تتسارع في كل مرة يسمع فيها خطوات القاتل تتقدم نحوه."

تذكر ان التصوير أفضل من الاخبار أما عقول القراء فستتكفل بالباقي.

قد يستغرق التعديل والمسودات دهرا من الزمن لكن لا تقلق أنت لست الوحيد، هناك الكثير من الكتّاب الذين يلزمهم سنوات للوصول الى المسودة النهائية.

اِبقى مركزا على العمل حتى لو كرهت قصتك وستكرهها بالفعل، تذكر ان هذا ما يدعى بالمقاومة، أنا أنصحك بقراءة كتاب حرب الفن لستيفن بريسفلد والذي يتحدث عن هذا الموضوع وكيفية التغلب عليه، هذه وسيلة أخرى لتحفز نفسك بها.

سابعا:  مبروك عليك روايتك الأولى



احتفل بإنجازك العظيم هنئ نفسك بعد ان تنتهي من الكتابة، احتفل مع اصدقاءك انت تستحق الاحتفال فقد تطلب منك الامر الكثير من الجهد والصبر والبصيرة.

احتفل في كل مرة تنهي من كتابة فصل من روايتك احتفل لأنك سخرت وقتك ومجهودك في شيء يستحق كل الوقت والجهد الذي بذلته وتأكد، لم يضع مجهودك هباء.

أهلا بك في نادي الكتاب المبدعين وتذكر دائما أنت بطل قصتك.


أخبروني في التعليقات عن المشاكل والمعوقات التي واجهتكم أثناء الكتابة وتذكروا ان  باب الأسئلة مفتوح



Comments

Popular Posts