مراجعة الكتاب المثير للجدل "زناة التاريخ" لأديب رشيد بوجدرة

مراجعة كتاب زناة التاريخ




"ومنذ فترة كنت أشعر بالخزي والعار أمام مرآتي وأنا أحلق كل يوم"

من لا يعرف من هو رشيد بوجدرة ( لا أعتقد أن هناك من لا يعرف الأديب رشيد بوجدرة أوكي لا يهم) رشيد بوجدرة هو روائي، شاعر، وكاتب سيناريو  جزائري نالت أعماله جوائز عالمية ووطنية كثيرة وترجمة لأكثر من 43 لغة هل تصدق ذلك؟

أثار كتاب أصدره الروائي رشيد بوجدرة بداية أكتوبر/تشرين الأول 2017 الصادر عن دار فرانز فانون للنشر زلزالاً في المشهد الثقافي الجزائري تحت عنوان مهربو التاريخ ثم تم تغيير العنوان إلى زناة التاريخ ( أجل ربما لجذب القراء طريقة ذكية).

يتمحور كتاب حول تحليل تغييب تاريخ الجزائر وتشويهه من طرف بعض المؤلفين والصحفيين والروائيين الجزائريين، فينتقد أعمالهم ويتهمهم بمساندة فرنسا الغاشمة، من خلال جعل اِنتقادهم لبلادهم مهنة وضيعة لأجل إرضاء فرنسا 

أشار الكاتب لباقة مشهورة على الصعيد الوطني والدولي أيضا سأذكرهم حسب الظهور في سياق الكتاب



 فريال فورون وكتابها سيدي بوعزيز بن قانة أمير الزيبان 

31-51ص

فريال فورون

الممجد لقبيلة بني قانة التي يعتبرها رشيد بوجدرة من بين الأُسر التي باعت الجزائر لفرنسا، سببت صدمة للكاتب، باِعتبار ما ذُكر في الكتاب كله تزويرًا وتلفيقًا في حق التاريخ الوطني

ووضح الكاتب أن كتابه جاء أساسا كرد فعل على فضيحة فريال فورون ابنة عبد العزيز بن قانة الذي وضح أنه قتل بسبب تواطئه مع المستعمر، لذا كان دور البنت أن تبرِّئه وتجعله بطلا قتل عمدا

بوعلام صنصال وكتابه قرية الألماني

35ص

بوعلام صنصال

واتهم رشيد بوجدرة “زناة التاريخ” بكراهية ذاتهم وكراهية كل ما له صلة بالجزائر (ص. 35) كبوعلام صنصال، الذي قال عنه أنه تولى مناصب عليا في الدولة، لكنه وبعد تقاعده، بدأ بانتقاد كل ماهو جزائري، بما فيه “الدولة والنظام، الشعب وحتى الأنا  ego” خاصة بعد صدور روايته قرية الألماني وبيَّن بوجدرة أن بوعلام صنصال عشق المستعمر بطريقة ذكية (ص. 37)، وبرر قبول الفرنسيين لمهاجمة الجزائري لبلاده كنوع من التنفيس عن عقدة الخسارة الشنيعة (1962)، كما أشار بوجدرة إلى أن صنصال يعتبر “أيقونة صهيونية”.  هذا كان رأيه!


 

ياسمينة خضرا وكتابه ما يفرضه النهار على الليل

ص58

ياسمينة خضرا

لم يسلم الكاتب ياسمينة خضرة من انتقاد رشيد بوجدرة، رغم إعجابه بأسلوبه الأدبي، إلَّا أنَّه اتهمه بنشر “خرافة التعايش السلمي بين الجزائري والفرنسي” خاصة في روايته “مايفرضه النهار على الليل” وبالأخص الحنين إلى فرنسا.

وسيلة طامزالي وكتابها تربية جزائرية 



65ص

وسيلة طامزالي

لقد  عرفها أيام الجامعة “بالعقلية الرجعية” وبأنها تحمل كرها شديدا للجزائر، لأن أباها أعدم من طرف جبهة التحرير بسبب ولاءه لفرنسا، اتهمت وسيلة المخابرات الجزائرية بالتسبب بكل ما وقع أيام الحرب الاهلية الجزائرية. وفي نظره لولا حماية الدفاع الوطني له أيام العشرية لكان اليوم في عداد الموتى، وكذب ما نشرته وسيلة في روايتها “تربية جزائرية” واعتبرها مجرد تلفيق على التاريخ ونفاق اجتماعي خاصة بعد عدم رد فعل المجتمع، الذي يبدو أنه اتفق على هكذا فبركة.

ألبير كامو وكتابه الغريب

74ص

ألبير كامو

الكاتب الشهير ألبير كامو كان له نصيب من هجاء الكاتب، يعتبر رشيد بوجدرة كامو كاتبا كبيرا، لكن لديه تحفظا بخصوص مواقفه السياسية، التي يعتبرها رجعية وعنصرية بامتياز، وخاصة دفاعه عن دولة إسرائيل واعتباره لمنظمة جبهة التحرير الوطني منظمة إرهابية، وتغييبه لكل ماهو عربي في أعماله (ص.78)

كمال داوود قافلة كامو 

75ص

كمال داوود

قول رشيد بوجدرة عن كمال داوود أنه شخص متآمر مع الصهاينة، ويحاول إرضاءهم، وذلك بالاستشهاد ببعض تصريحاته على القنوات الفرنسية، بعد أن كان شخصا إسلامويا بامتياز أثناء العشرية السوداء، واعتبر فشل “قافلة كامو” دليلا على “الانتصار الوطني للذاكرة الوطنية.

سليم باشي 

88ص

سليم باشي

كما كتب رشيد بوجدرة عن سليم باشي وقال عنه أنه كان شخصا وطنيا حتى بعد هروبه إلى فرنسا بسبب الإرهاب، لكنه تفاجأ بتغيره الملحوظ واتهمه بـ “التشييت” لفرنسا بعد أن نال مناصب راقية في الدولة الفرنسية.

الصناعة السنمائية

هجى رشيد بوجدرة الصناعة السينيمائية (لم يسلم أحد من هجاءه) وقال عنها أنها تحاول طمس التاريخ من خلال الأفلام التي لا تقدم صورة واضحة موضوعية وعلمية وحقيقية للتاريخ الجزائري أثناء تواجد الطغيان الفرنسي، ويقول عن المخرجين أنهم يجرون وراء الأموال وبأنهم هم أيضا زناة التاريخ الجزائري.

ما الذي نحتاجه ؟

يوضح الكاتب أن الجزائر بحاجة إلى نخبة حقيقية ونزيهة (ص. 92) تطرح مشاكل الجزائري بكل إخلاص ومصداقية، ويدعو الشعب إلى ضرورة الإبداع الفني والتخلص من التفكير المتحجر، وإلى ضرورة الذكاء، كما أشاد بضرورة الدفاع عن اللغة العربية والأمازيغية وعدم كره اللغة الفرنسية كلغة ولكن ككيان سياسي.

ثناء، أخيرا!  شيء إيجابي

كما أشاد ببعض الأقلام والفنانين الأجانب كروني فوتيي وبابلو بيكاسو وجيروم فيراري وسارتر، وكذا بعض الأعمال السينيمائية كمعركة الجزائر وريح الأوراس والتي اعتبرها ردًّا قويا على ما يقوم به زناة التاريخ اليوم.

مقلب الكميرا الخفية

أشار رشيد بوجدرة في نهاية كتابه هذا إلى مقلب الكاميرا الخفية التي وقع فيها ( قناة الاستحمار) ، واعتبرها مؤامرة ضده، كما يقول أنه يقدر الدور الذي قامت به لجنة تضامن بعض المثقفين معه بعد هذه الحادثة، وعبر عن تعجبه وامتنانه لتضامن السعيد بوتفليقة لما حدث معه، عكس من كان يعتبرهم أصدقائه.

 في حين قدم تعقيبات على الطبعة الأولى من هذا الكتاب في الصفحات الأخيرة، وكانت عبارة عن إضافات لما لقيته الطبعة السابقة موضحا موقفه أكثر.

ردود الأفعال

أثار زناة التاريخ الكثير من الجدل وفي هذا الصدد قام محامي الروائي والكاتب كمال داوود في 13 أكتوبر/تشرين الأول2017 برفع دعوى قضائية ضد الروائي رشيد بوجدرة.

ياسمينة خضرا اكتفى بتوجيه رسالة إلى رشيد بوجدرة من خلال صفحته على فيسبوك  وقال خضرة "أعلم بأنك تنتظر مني الرد، لكني لن أفعل لأن ذلك سيؤرقك ويهينك أكثر من كلامي، فأنت تقول بأنني لست كاتباً ودون المستوى، إذاً لماذا تعاني من كتاباتي وتهتم بها؟"

وذكره بالقول "أنا من أحسن الكتّاب في الجزائر والمغرب والأكثر مقروئية في العالم بحوالي 10 ملايين قارئ وحوالي 50 ترجمة".
ليختم قائلاً "أنا أغفر لك، رغم كل الحزن الذي سببته لي".

إلى ذلك لم يقم الكاتب بوعلام صنصال، والروائية ذات الأصول الجزائرية فريال فيرون بالرد على كتاب "مهربو التاريخ" حتى الآن

وصلنا أعزائي إلى نهاية المراجعة أتمنى أن تكونوا قد استمتعتم واستفدتم منها دمتم في رعاية الله

- بقلم عيسو منال- 

Comments

Popular Posts